الحلقة الرابعة من سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه
· تجهيزه جيش العسرة:
تسمى غزوة تبوك بغزوة العُسرة أيضا، وهذه التسمية مأخوذة
من قوله تعالى: {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ}[1].
دعا رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الناسَ إلى
الخروج، وأعلمهم المكان الذي يريد؛ ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب
يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة، فجاءوا بصدقات كثيرة، وجهَّز
عثمان رضي اللَّه عنه ثلثَ الجيش، جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا.
قال ابن إسحاق: أنفق عثمان رضي اللَّه عنه في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد
مثلها. وقيل: جاء عثمان رضي اللَّه عنه بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة
فنثرها في حجر رسول اللَّه فقبلها في حجر وهو يقول: "ما ضرَّ عثمان ما عمل
بعد اليوم"[2]. وقال رسول اللَّه: "من جهز جيش العُسرة فله الجنة"[3].
· حفره بئر رومة:
اشترى رضي الله عنه بئر رومة من اليهود بعشرين ألف درهم،
وجعلها في سبيل الله للمسلمين. وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من
حفر بئر رومة فله الجنة"[4].
·
علمه وقراءته القرآن:
كان عثمان أعلم الصحابة بالمناسك، وبعده ابن عمر.
وكان يقوم الليل فيختم القرآن كله في ركعة، وعن عطاء ابن
أبي رباح قال: "إن عثمان بن عفان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام، فجمع كتاب
اللَّه في ركعة كانت وِتْرَهُ"، وكان يضرب المثل به في التلاوة.
· كرمه رضي اللَّه عنه:
كان لعثمان على طلحة خمسون ألفًا، فخرج عثمان يومًا إلى
المسجد فلقي طلحة، فقال له طلحة: قد تهيأ مالك فاقبضه. قال: هو لك يا أبا محمد
معونة لك على مروءتك.
· قتله:
قُتِل عثمان يوم الجمعة 18 ذي الحجة سنة 35 من الهجرة
(يونيو سنة 656 م) بعد العصر، وكان يومئذٍ صائمًا. قال ابن إسحاق: قُتِل عثمان على
رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرًا، واثنين وعشرين يومًا من مقتل عمر بن الخطاب،
وعلى رأس خمس وعشرين من متوفى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
· صدقاته:
عن ابن عباس قال: أصاب الناس قحط في زمان أبي بكر. فقال
أبو بكر: لا تمسون حتى يفرج اللَّه عنكم. فلما كان من الغد جاء البشير إليه وقال:
لقد قَدِمت لعثمان ألف راحلة بُرًّا وطعامًا، قال: فغدا التجار على عثمان، فقرعوا
عليه الباب، فخرج إليهم وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيها على عاتقه. فقال لهم: ما
تريدون؟ قالوا: قد بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة بُرًّا وطعامًا، فبعنا حتى نوسع به
على فقراء المدينة، فقال لهم عثمان: ادخلوا. فدخلوا، فإذا 1000 حمل من الأموال قد وُضعت
في دار عثمان، فقال لهم: كم تربحوني على شرائي من الشام؟ قالوا: العشرة اثني عشر.
قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة خمسة
عشر. قال: قد زادوني قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادوني بكل درهم
عشرة. هل عندكم زيادة؟ قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء
المدينة.
إرسال تعليق