صاحب الوجه الأحمر- من ملفات المخابرات المصرية

 

صاحب الوجه الأحمر

فجأة انقضت النيران من السماء على ذلك الملازم المصري الشاب، في صباح الخامس من يونيو من عام 1967م، في قلب سيناء، وراحت تبيد من حوله خيرة شباب مصر، من جنود وضباط، بلا رحمة أو هوادة.

إنها نيران العدو الإسرائيلي الغادر..

ولكن الملازم نجا بأعجوبة..

وبناء على آخر أوامر بلغته من جهاز الإرسال، راح يشق طريقه في انسحاب فردي، حتى بلغ مدينة السويس، في العشرين من الشهر نفسه، متخما بقدر كبير من الجروح والإصابات، استدعت استئصال إحدى كليتيه وطحاله، و...

وبدأت رحلة الملازم مع المرض والآلام..

وذات صباح، وهو يجلس في قاعة انتظار أحد المستشفيات العسكرية، التقى بصاحب الوجه الأحمر..

ذلك الودود الباسم، الذي تقرب إليه بكلمات هادئة بسيطة جذبت إليه الملازم، الذي أفضى له بدوره بكل ما يملأ نفسه من حسرة وحنق ومرارة، وبرغبته في وضع كتاب عن أحداث الحرب..

وبسرعة أعلن صاحب الوجه الأحمر عن استعداده لمعاونة الملازم في إصدار كتابه، وعن اتصالاته القوية في هذا المجال.. بل قدم له فيما بعد رجلا ألمانيا، ادعى أنه مندوب دار نشر ألمانية كبرى، تهتم كثيرا بنشر مثل هذا الكتاب..

ثم بدأت لعبة الجاسوسية..

وما هي إلا أشهر قليلة، وكان الملازم يتلقى المساعدات ومعدات التجسس، مع طلب بمد دار النشر المزعومة بكل خبر يبلغه عن مصر وجبهتيها الداخلية والخارجية.

وبعد شهر آخر، أسفرت دار النشر عن وجهها الحقيقي، وأبلغت الملازم أنه يعمل مع المخابرات الإسرائيلية نفسها..

الموساد..

وراحت تغرقه بالمال والهدايا، ومنحته كل ثقتها تقريبا.. بل واعتبرته أهم عملائها في القاهرة.

وسافر الملازم إلى إسرائيل، وعاد منها أكثر ثقة..

وابتسم له صاحب الوجه الأحمر، مؤكدا له أن الموساد قد ربح اللعبة تماما..

لكن صاحب الوجه الأحمر كان مخطئا..

تماما..

ففجأة، وذات يوم حار، فوجئ برجال المخابرات المصرية يقتحمون منزله، ويضبطون أدوات التجسس والحبر السري، و... و....

وكانت المفاجأة العظمى هي الملازم نفسه..

الملازم ماهر عبد الحميد، الذي اتضح أنه يعمل لحساب المخابرات المصرية منذ البداية..

وأصيب صاحب الوجه الأحمر بالذهول، ومن خلفه أصيبت دولته كلها، بعد أن ربحت المخابرات المصرية هذه الحرب..

حرب الجواسيس.

0/أضف تعليق