الحلقة الثانية من سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه
· إسلامه:
أسلم
عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دار
الأرقم، وكان قد تجاوز الثلاثين. فلما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له: ويحك يا
عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي
يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى،
واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته
إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم.
وفي
الحال مرَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: "يا عثمان أجب اللَّه إلى
جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه". قال: فواللَّه ما ملكت حين سمعت
قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمد رسول عبده
ورسوله.
ولما
أسلم عثمان رضي الله عنه أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فربطه وقال: أترغب
عن ملة آبائك إلى دين محدث! واللَّه لا أخليك أبداً حتى تدع ما أنت عليه من هذا
الدين. فقال: واللَّه لا أدعه أبداً. فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه.
وفي
نفس اليوم الذي أسلم فيه عثمان جاء أبو بكر بعثمان بن مظعون وأبي عبيدة بن الجراح،
وعبد الرحمن بن عوف، وأبي مسلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، فأسلموا،
وكانوا مع من اجتمع مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثمانية وثلاثين رجلًا.
وأسلمت
أخت عثمان آمنة بنت عفان، وأسلم أخوته لأمه الوليد وخالد وعمارة، أسلموا يوم الفتح.
· هجرته:
هاجر
عثمان إلى أرض الحبشة فارًّا بدينه مع زوجته رقية بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم ورضي الله عنهما. فكان أول مهاجر إليها، ثم تابعه سائر المهاجرين إلى أرض
الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة.
· تبشيره بالجنة:
كان عثمان رضي اللَّه عنه
أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالجنة.
ففي
صحيح البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في
حائط من حيطان المدينة[1]
فجاء رجل فاستفتح[2]،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له وبشره بالجنة» ففتحت له، فإذا أبو بكر،
فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له وبشره بالجنة»، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته
بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله. ثم استفتح رجل، فقال لي: «افتح له
وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه»، فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان
وقال
صلى اللَّه عليه وسلم: "عشرة في الجنة: النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة،
وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن
العوام في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة[3]"،
ثم سمَّى نفسه.
وفي صحيح عن أنس رضي الله
عنه قال: صعد النبي صلى اللَّه عليه وسلم أُحُدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف
الجبل، فقال: "اثبت أُحُد فإنما عليك نبيٌّ وصدِّيق وشهيدان".
[1]
أي بستان. وسمي حائطا لأنهم كانوا يحيطونه بجدران.
[2]
أي طلب أن يُفتح له الباب.
[3]
رواه أبو داود (4649) والترمذي
(3747) وابن
ماجه (133) وأحمد (1/193) (1675) وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد))
(3/136): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
إرسال تعليق