تناقل الناس ذلك الخبر العجيب، بكلمات لاهثة وحروف يمتزج
فيها الذهول بالشك وعدم التصديق، في 23 من فبراير عام 1885.
خبر فشل إعدام البستاني النحيل الشاحب (جون لي)، المتهم
بقتل مخدومته العانس العجوز (إيما آن كيزي).
وقبل أن تظن أنه خبر عادي، وأنه -ربما- صدر عن المذكور عفو
في لحظاته الأخيرة، إليك التفاصيل..
ولكن احرص على ألا يتدلى فكك وتتسع عيناك من شدة الدهشة.
ذلك لأن قصتنا هذه المرة ليست عادية بالمرة..
ولذلك سقناها في سلسلة مقالاتنا "خوارق
الطبيعة"..
فما جرى كان حقا أمرا لا يصدق وخارق للطبيعة.
البداية
كانت منذ 3 سنوات، عندما وافقت الآنسة
(إيما) على أن يعمل (جون) كــبستاني في منزلها، في (دوفن)، إلى جوار أدائه لعدة
أعمال أخرى صغيرة، مقابل أربعة شلنات أسبوعيا فحسب.
وكانت (إيما) شديدة القسوة على كل من يعملون لديها؛
تكلفهم أعمالا شاقة، لساعات طويلة، ثم تمنحهم ما يسد رمقهم فحسب من الطعام،
وتنقدهم أبخس الأجور...
وكان لـ(جون) نصيب الأسد من هذه المعاملة القاسية؛ فقد
دأبت (إيما) على خصم بعض راتبه لأتفه الأسباب، ثم لم تلبث أن أعلنته أنها ستخفض
راتبه بمقدار شلن واحد أسبوعيا!!
وبعد أسبوعين من هذه الواقعة، عثروا على (إيما) مذبوحة
بسكين البستاني، في حجرة الكرار (تخزين المؤونة)، فأسرعوا يلقون القبض على
البستاني، الذي كان ينام ملء جفنيه في الحجرة المجاورة.
وفي الرابع من يناير عام 1885، تمت محاكمة (جون)،
واعتبرت المحكمة أن تخفيض راتبه ليس دافعا مناسبا لقتل الآنسة (إيما)، وفي النهاية
أدانته، وأصدرت حكمها بإعدامه شنقا.
والعجيب أن (جون) لم يطرف له جفن طوال المحاكمة..
لقد بدا شديد الهدوء، مما أثار القاضي، فسأله عن سر
هدوئه..
وهنا أجاب (جون):
-إنني أعلم أنني بريء يا سيدي، وأنهم لن ينجحوا في شنقي
أبدا.
وفي الليلة السابقة لإعدامه، نام (جون) ملء جفنيه،
وكأنما لا يشغله أمر واحد في حياته كلها، على عكس المثل المصري الشهير "نام
عشان اقتلك! قال: ده شيء يطير النوم".
وفي الثالث والعشرين من فبراير، ومع نسمات الصباح الباكر،
اقتاد الجنود (جون) إلى المشنقة، والرجل يبتسم في ارتياح مستفز، وكأنهم يقودونه
إلى نزهة لطيفة!
حتى عندما وقف على منصة المشنقة، بدا هادئا!
كان المفروض أن يشير مدير السجن بيده، فيجذب منفذ الحكم
رتاجا خاصا، تنفتح إثر جذبه فتحة خاصة تحت قدمي (جون)، فيسقط فيها، ويجذب الحبل
عنقه في عنف.... ويموت.
وفي صباح يوم التنفيذ، اختبر مسئولو السجن الرتاج
والفتحة وكل شيء خمس مرات، وكانت استجابتها مثالية.
وفي تمام الثامنة، وضع الجلاد أنشوطة المشنقة حول عنق
(جون)، الذي حافظ على ابتسامته في هدوء وثقة عجيبين، ورفع مدير السجن يده، ثم
خفضها بحركة حادة، إيذانا بتنفيذ الحكم..
وجذب الجلاد الرتاج..
وسمع الجميع صوت الرتاج يعمل بكفاءة..
ولكن الكوة لم تنفتح!
وحاول الجلا مرة أخرى..
وأخرى..
وأخرى..
وفي كل مرة لم تنفتح الكوة!
وهنا أبعدوا (جون) عن منصة الإعدام، وأجروا تجربة للرتاج،
فانفتح في سلاسة، وانفتحت الكوة في هدوء!!
وأعادوا (جون) إلى المنصة، وأحاطوا عنقه بالحبل، ثم
جذبوا الرتاج..
ومرة أخرى لم تنفتح الكوة!
وهكذا لثلاث مرات؛ عندما يكون (جون) فوق المنصة لا تنفتح
الكوة، وعندما يبتعد عنها يستجيب في سلاسة!
وهنا قال (جون) في هدوء عجيب، من خلف غطاء الرأس الذي
يخفي وجه كل محكوم عليه بالإعدام:
-لن يمكنكم إعدامي أبدا، فالله يعلم أنني بريء.
وهنا بكى القس المشرف على الإعدام، وهتف:
-لا تحاولوا إعدام هذا الفتى؛ إنه بريء.
وأُعيد (جون) إلى زنزانته، ولم يتم إعدامه.
وتناقل الجميع قصته، كما يتناقلون الأساطير..
أو كما يتناقلون قصص "خوارق الطبيعة"
إرسال تعليق